أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الثلاثاء، أنه حرص على زيارة الكنيسة الأرثوذكسية لما يكنه لها من احترام وللاعتراف بما تمثله من قيم ليس فقط لماضي مصر ولكن لمستقبلها أيضا، مشيدا بجهود الحكومة المصرية لضمان أمن وحماية الأقباط.
وقال ماكرون، في كلمة له خلال زيارته مقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، “لقد كنت أتمنى رؤية قداسة البابا تواضروس نظرا لأهمية الأقباط المصريين لفرنسا.. وأعلم جيدا كم عانى الأرثوذكس في السنوات الأخيرة من الإرهاب.. ولكننا نشيد بالعمل الذي تقوم به الحكومة المصرية حاليا لضمان أمنهم”.
وأعرب عن سعادته بلقاء البابا توضراوس في ظل الظروف التي تمر بها مصر حاليا، مشددا على أن التعددية في مصر والمنطقة تمثل عنصرا أساسيا للسلام.
وقال ماكرون “إن البابا تواضروس أشار في كلمته إلى زيارة المبعوث الفرنسي تشارلز بيرسوناز منذ عدة شهور لمصر.. ونشكركم على استقباله، وقد قدم تقريرا لنا ونأمل في أن نقوم بتنفيذ توصياته خلال الأيام القادمة”.
وأعرب ماكرون عن أمله في أن يكون هناك تعاون في مجال التعليم والمكتبات بين بلاده ومصر، مؤكدا أن التعليم يمثل المعركة الأساسية التي تقودها بلاده وترافق مصر فيها، نظرا لأهمية تعليم الأبناء أهمية العيش في وئام.
وشدد على أهمية الاستثمار في التعليم وحسن إعداد الفرد، منوها إلى إلتزام فرنسا بالعمل على تحقيق ذلك في أوروبا والعالم، وخاصة أفريقيا، كاشفا، في إطار ذلك، أنه سيقوم خلال عدة شهور بزيارة لكينيا.
ووجه ماكرون للبابا تواضروس كلمة تساءل فيها عن رؤية البابا تواضروس للحوار بين الأديان؟، وماذا يمكن أن نفعل معا في مجال التعليم؟.
قال البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ردا على تساؤلات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، “إن الكنيسة القبطية المصرية باعتبارها واحدة من أقدم المؤسسات في مصر وكيانا شعبيا قديما، تري أن المشكلة الأولي في المجتمع هي مشكلة التعليم بكل جوانبه، وتري أيضا أن التعليم هو مفتاح الحل لهذه المشكلة”.
وأضاف “الاقتصاد مرتبط بالبيئة، ولن يتم الترابط بينهما إلا من خلال التعليم المستمر في المدارس.. فنحن نعاني من الزيادة السكانية، التي تؤثر علي مشروعات التنمية في البلاد.. منوها بأن هناك وسائل ستساعد علي حل مشكلة الزيادة السكانية، مثل التعليم وجودته وتدريب المعلمين ونشر المدارس وتحديث المناهج، لافتا إلى أن فرنسا لها باع طويل في هذا الأمر”.
وأكد البابا تواضروس أن المدارس الفرنسية في مصر لها تأثير قوى في جودة التعليم بصفة عامة، موضحا أن الكنيسة تحاول من خلال المشروعات الصغيرة والتي تنضم للمشروعات الكبيرة التي تقوم بها الدولة، للمساعدة في مسألة التعليم وإقامة المدارس وبعض المستشفيات والعيادات التي تساهم في الرعاية الصحية.
وشدد على أن السلام والاستقرار لا يتحققان إلا من خلال الحوار، مبينا أن العلاقات الإنسانية يمكن أن تتحقق عبر ثلاث مجالات، الأول: الحوار، والذي يتم عبر العلاقات الإيجابية التي تبني، والثاني: علاقات التصادم، مؤكدا أن هذا المجال غير مقبول، وثالثا: علاقات الجدار، وهي عدم الاستماع للأخر أو فهمه.
وتابع “لدينا في مصر مجلس كنائس مصر، وهو يحمل 5 أعضاء تشمل الكنائس المصرية، كما أن هناك بيت العائلة، وهو مؤسسة بين الكنيسة والأزهر الشريف، مما يساهم في الاستقرار”.. مشيرا إلى أن الغرب يمثل عقل العالم، أما الشرق فيمثل قلب العالم.. ويجب أن يكون هناك حوار بيننا، فالشرق لديه تاريخ وتقاليد ومباديء وقيم يجب أن يفهمها الغرب”.
وأعرب البابا تواضروس الثاني عن ترحيبه بكل تعاون يمكن أن تقدمه فرنسا، مؤكدا أن الشعب الفرنسي وفرنسا بصفة عامة من أقرب الدول التي تفهم مصر، معتبرا أن الحوار والتعليم هما أساسان لجعل السلام أساس الاستقرار.
واختتم البابا تواضروس، تعليقه، بالقول “كنائسنا تعرضت لهجمات إرهابية كثيرة، ولكنها كانت دائما مثالا للوحدة.. ونحن نعيش في مصر حول نهر النيل، الذي جعل مننا وحدة واحدة”.
واستكمل الرئيس الفرنسي، كلمته، بالتأكيد على أن مصر أمام تحد هائل، وهو تزايد السكان.. مشيرا إلى أن ذلك يحتاج إلى معركة فكرية وثقافية يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي بكل شجاعة علاوة على الحكومة المصرية.
وأما بخصوص الحوار بين الشرق والغرب، فقال ماكرون “الحقيقة في الحوار والكلام.. ودائما نتعلم من الأخر، وبهذه الروح أقود شؤون فرنسا”.
في تعليق آخر للبابا تواضروس بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، أكد أننا نحتاج إلى الحوار والمزيد من الحوار.. وقدم مثلا على ذلك بتجربة الحوار في مصر بين 20 قبطيا و20 إماما مسلما، حيث اجتمعوا لمدة ثلاثة أيام يتحاورون ويتناقشون ويأكلون معا ويسألون بعضهم البعض.
وقال “بعد هذا الحوار، قاموا بزيارة إلى إحدى المدارس، وكان منظرا غريبا لدى طلبة المدارس الصغار عندما رأوا يد الكاهن في يد الشيخ.. وعقب ذلك جاءوا إلى الكنيسة وجلست معهم ثم ذهبوا إلى الأمام الأكبر فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، منوها بأن هذا الأمر صنع نوعا من التقارب الشديد للغاية”.
وأضاف البابا تواضروس الثاني “نحتاج إلى تعضيد وتقوية مثل هذه الأساليب من الحوار، مشيرا إلى أن الحوار ليس كلاما فقط وإنما أفعالا”.. لافتا إلى أن الأمر الذي يمكن أن تساعد فيه فرنسا هو تقوية العملية التعليمية بصفة عامة وبناء الفكر والثقافة في أذهان المدرسين، بما لها من تاريخ وعلاقات مع مصر، منوها بأن هذا الأمر سيكون له عائد طيب عبر السنوات القادمة”.
المصدر: وكالات
اخبار الان
0 التعليقات:
إرسال تعليق