أكد المؤتمر السابع والعشرين للاتحاد البرلماني العربي في بيانه الختامي توحيد الموقف العربي تجاه القضايا الكبرى، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ومحاربة الإرهاب بكل أشكاله، ووضع حد لكل أشكال التوتر والصراع والعنف في الوطن العربي، وإيجاد إطار اقتصادي مشترك داعم للاقتصاد العربي.
وشدد المؤتمر، الذي عقد على مدار يومين في مقر مجلس النواب المصري، على أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة العربية، حيث لا يزال الشعب الفلسطيني يعاني من الاحتلال الاستيطاني على الأرض والبشر والمقدسات.
وجدد المؤتمر دعمه اللامتناهي للشعب الفلسطيني في نضاله الوطني المشروع الذي كفله القانون الدولي ومختلف الشرائع والشرعيات من أجل الوصول إلى تحقيق حقوقه البديهية والمشروعة في إقامة دولته المستقلة على أرض فلسطين وفق قرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات ذات الصلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشريف.
وأدان المؤتمر بشدة اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته وممتلكاته بجميع أشكالها، كما أدان الاستيطان المتغطرس اللامحدود وبغير وجه حق على أرض لا حق له فيها.
وطالب المؤتمر دول العالم أجمع، وبالأخص دول القرار في مجلس الأمن المنصفة وكذا دول الاتحاد الأوروبي بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف جرائمه المادية والمعنوية والرضوخ للإرادة الدولية المجسدة بقراراتها وبالقانون الدولي، وأن يلزم الاحتلال بتنفيذها بأسرع وقت لرفع المعاناة ووقف الاعتداءات وإعادة الحقوق جميعها للشعب الفلسطيني في أرضه وحريته وقراره.
وأكد المؤتمر أيضا على حق عودة الشعب الفلسطيني في الشتات إلى أرضه التي طُرد منها استناداً إلى القرار 194، وأن يعيشوا في ديارهم في دولة مستقلة ذات سيادة تامة.
وشدد المؤتمر على بذل الجهود كلها لوضع حدٍّ لسياسة التهويد التي يتبعها الاحتلال بحق مدينة القدس الشريف وتغيير ملامحها العربية والإسلامية والمسيحية، ومنعا لتزوير التاريخ، وإيقاف طرد الفلسطينيين منها عبر سياسة هدم المنازل وعدم إعطاء التراخيص للبناء، والحيلولة دون أبسط شروط حياة يومية عادية وكريمة.
كما أدان المؤتمر بشدة قرار الرئيس الأميركي ترامب بالاعتراف بالقدس الشريف كعاصمة للاحتلال، متجاوزاً وخارقاً جميع الاتفاقيات ذات الصلة، غير آبه بالدعوات العربية والدولية لإلغاء القرار خدمة للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأميركية، ومن ثم إعلان نقل السفارة وتحديد موعده بمنتصف شهر مايو 2018، متزامناً مع ذكرى النكبة وإعلان قيام كيان الاحتلال الإسرائيلي على أرض فلسطين اغتصاباً وعدواناً.
وجدد المؤتمر موقف الاتحاد البرلماني العربي الذي سبق أن اتخذه في المؤتمر الطارئ في الرباط باعتبار الولايات المتحدة الأميركية دولة منحازة، ولم تعد وسيطاً نزيهاً في عملية السلام ما دامت تنتهج سياسة أحادية في قراراتها، غير محايدة في نتائجها إلى الاحتلال الإسرائيلي، ما يجعل عملية السلام في الشرق الأوسط في مهب الريح، ويفتح المنطقة على مستقبل مظلم يتهدده العنف والتطرف الفكري والعقائدي والنزعات الدموية العمياء.
وشدد المؤتمر، في البيان الختامي، على توحيد الموقف العربي تجاه قضايانا الكبرى من أجل مخاطبة العالم بلغة مشتركة، لتكسب الأهمية التي يجب أن تحظى بها في وطننا العربي وأمام دول العالم وفي المحافل الدولية؛ وعلى رأسها القضية الفلسطينية، بما يضمن حشداً للرأي العام العالمي معنا، من أجل تحقيق أهدافنا كأمة عربية لها قضايا مشتركة مصيرية.
وأكد المؤتمر دعم محاربة الإرهاب بكل أشكاله في وطننا العربي، وتسخير كل الطاقات الممكنة والمتاحة في سبيل ذلك والعمل على تجفيف منابعه واستئصال جذوره الفكرية والمادية أيا كانت، كي لا يجد بيئة حاضنة له يجعلها منطلقا لأعماله الإجرامية ولفكره الهدام.
وأشار المؤتمر إلى أن الاتحاد يعمل بكل ما أوتي من إمكانات لوضع حد لكل أشكال التوتر والصراع والعنف التي تمر بها أجزاء عزيزة من وطننا العربي، وأن يكون الحوار البناء سبيلا لحل الخلافات والصراعات والمشكلات، وأن تسخر الطاقات في خدمة البناء والإعمار، خاصة وأن ما يجمعنا أكبر بكثير مما يفرقنا من قيم ومبادئ وروابط اللغة والدين والثقافة ووحدة المصير.
كما أكد المؤتمر على تقديم وتوفير مختلف أوجه الدعم للاجئين والنازحين العرب من ديارهم بسبب الحروب والتوترات، وتقديم الدعم الاقتصادي للدول العربية الشقيقة المستضيفة لهم لتستطيع الوفاء بواجبها الأخلاقي والإنساني تجاههم، والعمل على إعادتهم إلى ديارهم بكرامة، ووضع حد لمعاناتهم في المسالك البحرية ومراكب الموت.
ولفت المؤتمر إلى أن الاتحاد البرلماني العربي عمل على عمل وحدوي بين دول أمتنا العربية فيما يخص التشريعات غير الخلافية لتكون منطلقا لعمل مشترك على قضايا أخرى فيها خدمة للمواطن العربي، ولمستقبل مشترك للجميع.
كما شدد المؤتمر على ضرورة إيجاد إطار اقتصادي مشترك داعم للاقتصاد العربي بما يحقق سوق عمل يستوعب العمالة العربية كي تستثمر الأمة العربية طاقاتها المنتجة، وأن تسخر العقول للتطوير والتقدم على جميع المستويات، خصوصا ونحن نرى إلى أي حد تهدر إبداعات وإنتاجات الشباب العربي في بلدان المهجر والاغتراب، وكيف تساهم مساهمة فعالة في دعم اقتصادات الدول الأخرى، بالرغم من حجم الاستثمارات التي بذلت في تكوينها في أوطانها الأصلية.
ووجه المؤتمر التحية والتقدير إلى المجموعة الجيوسياسية العربية داخل الاتحاد البرلماني الدولي التي مثلها الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب، في الدورة الـ 138 لمؤتمر هذه المنظمة في جنيف، مشيدة بالجهد المثمر للكويت والبحرين وفلسطين في إقناع برلمانيي العالم بعزل وإدانة قرار الإدارة الأمريكية الذي يمس بالوضع الاعتباري والقانوني لمدينة القدس ومركزها ومقدساتها انتصاراً للقضية الفلسطينية وآفاق النضال الوطني الفلسطيني المشروع.
وذكر المؤتمر الـ27 للاتحاد البرلماني العربي أنه إعمالاً لميثاق الاتحاد البرلماني العربي، وبناء على توصية اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني العربي في دورتها (21)، واستجابة لدعوة كريمة من الشعبة البرلمانية المصرية، ومن رئيس الاتحاد البرلماني العربي رئيس مجلس النواب المغربي الحبيب المالكي انعقد في القاهرة مؤتمر الاتحاد.
وتابع بيان المؤتمر أنه في مستهل أعمال المؤتمر، استمع المشاركون والضيوف والحضور العرب إلى كلمة راعي المؤتمر الرئيس عبد الفتاح السيسي التي ألقاها بالإنابة عنه رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال، رئيس الاتحاد البرلماني العربي الجديد، وفيها عبر الرئيس السيسي عن الأبعاد الرمزية والتاريخية لانعقاد المؤتمر على أرض مصر، قلب العروبة النابض ودرع إفريقيا الواقي التي ترتفع مآذن مساجدها وأبراج كنائسها بالدعوة إلى الحق والأفعال الخيرة.
كما أكد الرئيس أهمية الدور البناء الذي ينهض به الاتحاد البرلماني العربي من أجل تعميق ثقافة حقوق الإنسان ونشر مفاهيم الديمقراطية النيابية.
وأشار إلى الظروف الدقيقة والتحديات والمخاطر المحدقة بالأمتين العربية والإسلامية، والتي تتطلب مواجهتها العمل الوحدوي العربي وخيار الحوار والحلول السياسية العقلانية والسلمية.
ولفت البيان إلى أن كلمة رئيس الاتحاد البرلماني العربي الحبيب المالكي حوت مساهمة نقدية لواقعنا العربي عبر مختلف تعقيداته وتطوراته المتسارعة، مؤكدا أهمية وضع الثقة في إطار مؤسسات العمل العربي التي لا تزال توفر الحد الأدنى من فضاء التواصل والحوار وتبادل الرأي والرؤى بين المكونات العربية، وترسيخ الأمل وعدم القبول بأسباب التعثر، والحرص على تقوية سبل التضامن والتعاون العربيين، خصوصاً في ظل العجز التنموي في الوطن العربي المثير للقلق وتلازمه مع التعثر الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتربوي والتعليمي والمعرفي والعلمي وضعف الإشراك السياسي واستباحة الخارج وتجاوزاته وتدخلاته غير المقبولة.
وأشار إلى الكلمة التي ألقاها رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس النواب سعد الجمال بالإنابة عن الدكتور علي عبد العال والتي شخصت موضوعيا المشهد العربي الراهن، وتصاعد الصراعات التي تمزق وحدة الصف العربي وتمس بقضية العرب الأولى وما يستتبع ذلك من تدخلات دولية وإقليمية تمس مستقبل شعوب وحدود الدول العربية، فضلاً عما تنتجه هذه الأزمات من أبعاد مأساوية غير مسبوقة في تاريخنا المعاصر، وما تفضي إليه من خطر التنظيمات الإرهابية والتكفيرية المتعدد.
ولفت البيان إلى كلمة أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط التي ألقاها بالإنابة السفير فاضل جواد، التي أشارت إلى تحديات وتداعيات المرحلة الصعبة التي تمر بها أمتنا العربية وما تقتضيه هذه اللحظة من أوجه الالتزام القومي ومتطلبات المواجهة وضرورة التضامن والتصدي لخطر الإرهاب والفكر المتطرف الذي يتغذى على الأزمات وحالة الخلل السائدة.
ولم يفت المؤتمر التنويه بالدور الذي قام به الحبيب المالكي والقيمة النوعية المُضافة التي عزز بها تراكم العمل الوحدوي داخل الاتحاد وفي الفضاء البرلماني العربي.
كما تمت تهنئة مجلس النواب ورئيسه على النجاح في تنظيم واحتضان المؤتمر، بالرهان على الدكتور علي عبد العال في المزيد من تطور الاتحاد البرلماني العربي وتقوية حضوره وأدائه وإشعاعه وقدراته على التحرك والتأثير والإقناع كآلية وكإطارِ للعمل الوحدوي العربي.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)
اخبار الان
0 التعليقات:
إرسال تعليق