دعا مؤتمر الافتاء العالمى إلى الإسراعِ بِوضع ميثاقٍ عالَمِي للإفتاءِ يضع الخطوطَ العريضةَ لِلْإِفتاءِ الرشيدِ والإجراءاتِ المُثْلَى للتعاملِ مَعَ الشذوذِ فِي الفتوَى، ودعوة جهاتِ الإفتاءِ لِلِالتزامِ ببنودِ هذَا الميثاقِ كما ناشد الجهات المختصة مجددا بالإسراعِ في إصدارِ تشريعٍ لضبطِ الفتوى وتقنينِها؛ حرصا منه على تثبيت دعائمِ الأمنِ الفكري والسلامِ المجتمعي.
جاء ذلك في البيان الختامى لاعمال المؤتمرِ العالمي الثَّاني للأمانةِ العامَةِ لِدورِ وهيئاتِ الإفتاءِ في العالمِ الذى عقد بالقاهرة على مدى ثلاثة ايام تحت عنوانِ: “دَور الفَتوَى فِي استقرارِ المجتمعاتِ” بحضور جمع غفير من كبار العلماء من مختلف دول العالم.
واشاد الحضور بجهود الأمانةِ العامةِ لِدُورِ وهيئات الإفتاءِ في العالمِ فِي جمعِ كَلِمَةِ المفتين والمتَصدرين لِلفتوى والعملِ علَى تحقيقِ التعاونِ والتنسيقِ بين مؤسساتِهم، ويقدِر سبقَهَا إلى تَأسيسِ أوَلِ مِظلةٍ جامعةٍ لَهم بِهدَفِ رَفعِ كفاءةِ العملِ الإفتائي حَتى يَكُونَ الإفتاء أَحد عوامِلِ الاستقرارِ والتنميةِ والتحضِر للإنسانيةِ كافةً.
وشدد المؤتمر عَلى أهميةِ استمرارِ الأمانةِ العامةِ لِدُورِ وهيئاتِ الإفتاءِ في العالمِ في عقد مِثْلِ هذه المؤتمراتِ والندوَاتِ العلمية لِمَا لِلْمفتين والعلماءِ مِن دورٍ كبيرٍ فِي تشخيصِ وعلاجِ التحدياتِ التي توَاجِه الأُمةَ، ويدعو الْمفتِينَ والعلماء المسلمينَ والمنظماتِ الإسلاميةَ إِلى التعاونِ مَعَ الأمانة لِتَحقيقِ تلك الأهدافِ الكبرى.
والتأكيد على وجوبِ نَشر ِ ثقافةِ الإفتاءِ الرشيدِ بالنسبةِ إلى المفتى والمستفتى كِلَيهِمَا، وأن هذا قد تَعاظَمَت ضرورته فِي عصرٍ صارت فِيه المعلومة في متناولِ الجميعِ، وَوَجَبَ فيه تمييز الطيب مِن الخبيثِ والغث مِنَ السمِينِ. وعلى أن الفتوى إِذَا ضبِطَت كَانَت مِن أَعظَمِ مفاتيحِ الخيرِ والإصلاحِ والاستقرارِ والأمنِ؛ لأن التدين الصحيح جزء مِنَ الحل وَلَيسَ جزء مِن المشكلةِ كَمَا يَتَوهم المتَوهمونَ.
ودعا الى إنشاء قاعدةِ بيانات ومَركَزِ معلوماتٍ يجمَع فتاوى جهاتِ الإفتاءِ المعتَمَدةِ في العالمِ لِخِدمَةِ الباحثين والعلماءِ والمستَفتِينَ.
وحث دورِ الفتوى وهيئاتِها ومؤسساتِها بِأَنواعِها على الاستفادةِ مِنَ الوسائلِ التكنولوجيةِ الحديثةِ في نشرِ وتيسيرِ الحصولِ على الفتوى الصحيحةِ، خاصةً على وسائطِ التواصلِ الاجتماعي.
وطالب باحياء نظامِ الإِجازاتِ العِلميةِ للمفِين، وهيَ سنة ٌ عِلْمِية تسعى الأمانة العامة لِدورِ وهيئاتِ الإفتاءِ في العالمِ إلى إِحيَائِها مِن خلالِ إطلاقِ حزمَة مِنَ البرامجِ المعتمَدَةِ بِهَدَفِ تحقيقِ ذلكَ، وكذلك ضرورةِ التجديدِ في قضايا الإفتاءِ شكلًا وموضوعًا واستحداثِ آلياتٍ معاصرة للتعاملِ معَ النوازلِ والمستَجِدَاتِ، معربا عن اعتقاده بأن الفتوى الجماعيةَ تعاون عِلْمِي راقٍ، وهي أمان مِن الفتاوى الشاذَةِ، وبخاصةٍ في قضايا الشأنِ العام وَهُو مَا عَلَيْهِ الأمر فِي المجامعِ الفقهيةِ المعتَمدةِ ودورِ الإفتاءِ الرسميةِ عَلى مستوى العالمِ الإسلامي.
ونوه باهمية استنفارِ العلماءِ المؤَهِلينَ وَتَصَدرِهِم لِلفتاوى فِي مخَلتِفِ المواقعِ والفضائيَاتِ وقِيامِهِم بِوَاجِبِهم والعهدِ الذي أَخَذَهُ اللهُ عليهم.
وأشار الى ضرورة التكْوِينِ المستَمِر لِلْمتَصَدرِينَ لِلْإِفتاءِ والعنايةِ بِإِعدَادِهم إِعدَادا عِلْمِيا دائِما وشَاملًا، وأن يزَودُوا بِاستمرَارٍ بكل مَا يَزِيدهم عِلْمًا وفَهْمًا ويوَسع مَدَارِكَهُم وانْفِتَاحَهم عَلى مستَجِدَاتِ الْعَصرِ.
وبين أن كُل فَتْوَى أو فِكْرَةٍ تَخْرج عَن مَقصَدِ الشريعةِ مِن إكرامِ بَنِي آدمَ، أو تخَالِف الأخلاقَ، أو تَدعو إِلَى هَدم الأُسْرَةِ والمجتمعاتِ، أو تَنَال مِن الاستقرارِ الوطنى والعالمي هِيَ فَتوَى شاذةٌ يَنبَغِي أنْ يتَصَدى لَها بِكُل السبلِ والوسائلِ الوقائيةِ والعلاجيةِ وَفقَ سِيَادَةِ القانونِ.
وشدد على وجوبِ التواصلِ العِلمي بين دوائرِ العلومِ المختلِفَةِ وبالأخص بينَ العلومِ الإنسانيةِ والاجتماعيةِ مِن ناحيةٍ وبينَ الْمَعنِيِينَ بالإفتاءِ -دِرَاسة وممَارَسَةً وبحثًا- مِن ناحيةٍ أُخرى، وَدَعوَة المُختصِّينَ بِهذهِ الدوائرِ للحوارِ المستمر للخروجِ بحلولٍ للمشكلاتِ.
وناشد المؤتمر الجهاتِ والدوائرِ الْمَعنِيَّةِ بِوَسائلِ الإعلامِ بِمُختَلِفِ صوَرِهِ وأشكالِه إلى الاقتصارِ على المتَخَصصِينَ المُؤَهلِينَ، وعدمِ التعَامُلِ معَ غَيرِ المُؤَهلِينَ للإفتاءِ في الأمورِ العامةِ والخاصةِ.
ونبه الى ضرورة أن تكونَ فتاوى الأسرةِ منظومةً متكاملةً تدعَم الأسرةَ المسلمةَ في العالمِ المعاصرِ، وتَشْمل التأسيسَ الرشيدَ للإفتاءِ الأُسَرِي، وتمتدُ إلى التدريبِ على إِقامةِ الحياةِ الأسريةِ السعيدةِ للزوجينِ والأبناءِ جميعا، وتمر بطريقِ التعاملِ الأحسنِ معَ مشْكلاتِ الأسرَةِ على اختلافِها ومِنْ كافَّةِ جوانِبِها.
وحذر من أَن التَّطَرفَ بِكُلِّ مسْتَوَيَاتِهِ طَرِيق لِلْفَوْضَى، وأن إِحدَى كُبْريَاتِ وَظَائِفِ الْمُفتِي فِي الوقتِ الحاضرِ هيَ التَّصدي للتطرفِ والمُتَطَرفِينَ، مؤكدا على اهمية الردُ على الأسئلةِ والشبهاتِ المعاصِرةِ التي تلِح على العقلِ البشريِّ المعاصرِ؛ هَو جزء رئيسى مِن مهِمةِ المفْتِي، يَلْزَمُ عِنَايَتُهُ بِهَا والتَّدرُبُ للرد عَلَيْهَا، مشيرا الى اهمية إدراجِ مادةِ أُصولِ الإفتاءِ باعتبارِها مادة مستقلةً تدرسُ ضمنَ مُقرراتِ الكلياتِ الشرعيةِ بالأزهرِ الشريفِ وغيرِه مِنَ المعاهدِ العلميةِ الشرعيةِ، على أن تَعكُفَ لجنة متخصصة على وضعِ المنهجِ العلمي بصورةٍ تناسِبُ متغيراتِ العصرِ.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)
اخبار الان
0 التعليقات:
إرسال تعليق