اقتربت سلسلة الإجراءات القضائية ودرجات التقاضي بحق الرئيس الأسبق حسني مبارك، من بلوغ منتهاها فيما يتعلق بالاتهامات المنسوبة إليه في القضية المعروفة إعلاميا بـ “محاكمة القرن”، حيث تنظر محكمة النقض في جلستها المقرر انعقادها بعد غد الخميس في الطعن المقدم من النيابة العامة، على الأحكام بالبراءة التي سبق وأن أصدرتها محكمة جنايات القاهرة ببراءة مبارك ونجليه علاء وجمال، ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من كبار مساعديه في إعادة محاكمتهم.
وتعد هذه الجولة من المحاكمة، هي الفصل الأخير في محاكمة الرئيس الأسبق مبارك وبقية المتهمين فيما هو منسوب إليهم من اتهامات تتعلق بقتل عدد من متظاهري ثورة يناير 2011 والفساد المالي, وبدأت محاكمتهم عنها منذ 3 أغسطس 2011, حيث لا مجال -الآن- لإعادة محاكمة المتهمين أمام محاكم الجنايات مرة أخرى، وإنما سينحصر الأمر ما بين تأييد الأحكام التي أصدرتها محكمة الجنايات مؤخرا، أو بنقض “إلغاء” تلك الأحكام, لتباشر محكمة النقض بنفسها محاكمة المتهمين فيما هو منسوب إليهم من اتهامات وتصدر حكما سواء أكان بالبراءة أو بالإدانة، وسيكون هذا الحكم نهائيا وباتا لا يقبل الطعن عليه مجددا بأي صورة من صورة التقاضي.
كانت محكمة جنايات القاهرة قد سبق وأن أصدرت في 29 نوفمبر الماضي, أحكاما ببراءة مبارك ونجليه علاء وجمال مبارك، ورجل الأعمال (الهارب) حسين سالم, ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي ومساعديه الستة اللواء أحمد رمزي رئيس قوات الأمن المركزي الأسبق,
واللواء عدلي فايد رئيس مصلحة الأمن العام الأسبق, واللواء حسن عبد الرحمن رئيس جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق, واللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة الأسبق، واللواء أسامة المراسي مدير أمن الجيزة الأسبق، واللواء عمر فرماوي مدير أمن السادس من أكتوبر السابق.
وتضمن الحكم براءة مبارك في شأن الاتهام المتعلق بتصدير الغاز المصري لإسرائيل بأسعار زهيدة، وانقضاء الدعوى الجنائية في شان الاتهام المتعلق بتلقيه ونجليه علاء وجمال مبارك لرشاوى تتمثل في 5 فيللات من رجل الأعمال حسين سالم نظير استغلال النفوذ الرئاسي لصالحه، وذلك بمضي المدة المسقطة للدعوى الجنائية.. كما قضت المحكمة حينها أيضا بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية بحق مبارك في شأن الاتهام المتعلق بالاشتراك في وقائع قتل المتظاهرين السلميين إبان ثورة يناير، لصدور أمر ضمني بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بحقه، وذلك بصدور أمر الإحالة (قرار الاتهام) الأول بإحالة وزير داخليته ومساعديه للمحاكمة قبلها بستين يوما.
وعقب صدور حكم الجنايات وتسلم النيابة العامة لأسبابه، تقدم النائب العام المستشار هشام بركات بمذكرة طعن عليه أمام محكمة النقض جاءت في 135 صفحة وتضمنت 32 وجها للطعن بالنقض، تنوعت بين البطلان والقصور في البيان والتسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون وتأويله والخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت بالأوراق.
وطلبت النيابة العامة – في نهاية مذكرتها إلى محكمة النقض, بقبول الطعن بالنقض شكلا، وفي الموضوع بنقض (إلغاء) الحكم المطعون فيه ونظر الموضوع عملا بالفقرة الأخيرة من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن بالنقض.
وحوكم مبارك وحبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق ومساعدوه الستة في قضية اتهامهم بالتحريض والاتفاق والمساعدة على قتل المتظاهرين السلميين إبان ثورة 25 يناير، وإشاعة الفوضى في البلاد وإحداث فراغ أمني فيها.. كما حوكم مبارك ونجلاه علاء وجمال ورجل الأعمال حسين سالم، بشأن جرائم تتعلق بالفساد المالي واستغلال النفوذ الرئاسي في التربح والإضرار بالمال العام وتصدير الغاز المصري إلى إسرائيل بأسعار زهيدة تقل عن سعر بيعها عالميا.
وتداولت القضية موضوعا لقرابة 4 سنوات أمام 3 محاكم، وهي محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار أحمد رفعت في الجولة الأولى للمحاكمة، ومحكمة النقض في مرحلة الطعن الأول على الحكم، ثم إعادة المحاكمة أمام محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمود كامل الرشيدي.
وعوقب مبارك والعادلي في المحاكمة الأولى بالسجن المؤبد لكل منهما عن الاتهامات المتعلقة بقتل المتظاهرين، فيما قضي ببراءة بقية المتهمين من مساعدي العادلي, وحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بحق مبارك ونجليه وحسين سالم فيما يتعلق بوقائع الرشوة واستغلال النفوذ الرئاسي، وبراءة مبارك في الواقعة المتعلقة بتصدير الغاز الطبيعي، وهي الأحكام التي ألغتها محكمة النقض وأعيدت في أعقابها المحاكمة من جديد أمام الجنايات.
كان النائب العام (السابق) المستشار الدكتور عبد المجيد محمود قد أمر في 13 أبريل من عام 2011 بحبس مبارك ونجليه والعادلي و4 من مساعديه, بصفة احتياطية على ذمة التحقيقات, ثم أمر بتجديد حبسهم بصورة متوالية على ذمة التحقيق, إلى أن أصدره قراره في 24 مايو من نفس العام, بإحالة مبارك وجميع المتهمين المذكورين, للمحاكمة الجنائية عن وقائع الاشتراك في قتل المتظاهرين أثناء ثورة يناير, وارتكاب جرائم فساد مالي ترتب عليها إهدار المال العام والإضرار العمد به.
ونسبت النيابة العامة إلى مبارك والعادلي ومساعديه في أمر الإحالة (قرار الاتهام) اشتراكهم مع بعض ضباط وأفراد الشرطة في قتل المتظاهرين السلميين عمدا مع سبق الإصرار, وذلك بطريقي التحريض والمساعدة، بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على ذلك خلال أحداث التظاهرات التي بدأت اعتبارا من 25 يناير 2011 احتجاجا على سوء وتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية في مصر وتعبيرا عن المطالبة بتغيير نظام الحكم.
وجاء بأمر الإحالة أن المتهمين اتخذوا فيما بينهم قرارا في لقاء جمعهم قبل الأحداث, بتحريض بعض ضباط وأفراد الشرطة الذين تقرر اشتراكهم في تأمين تلك المظاهرات في الميادين المختلفة بمحافظات القاهرة والسويس والإسكندرية والبحيرة والغربية والقليوبية والدقهلية والشرقية ودمياط وبني سويف – على التصدي للمتظاهرين بالقوة والعنف بإطلاق الأعيرة النارية الحية والطلقات الخرطوش أو استخدام أية وسائل أخرى لقتل بعضهم ترويعا للباقين وحملهم على التفرق.
وأشارت النيابة إلى أن المتهمين أمدوا الضباط بأسلحة نارية وخرطوش، بالمخالفة للقواعد والتعليمات المنظمة لتسليح القوات في مثل هذه الأحوال، فوقعت جرائم قتل المتظاهرين بناء على هذا التحريض وتلك المساعدة. وأضافت انه إلى جانب إطلاق الأعيرة النارية الحية صوب المتظاهرين، قامت أيضا مركبات تابعة للشرطة بدهس المتظاهرين قاصدة من ذلك قتلهم.
وأكدت النيابة أن المتهمين أهملوا في جمع المعلومات الصحيحة عن حجم التظاهرات المندلعة في العديد من محافظات الجمهورية بدءا من 25 يناير 2011 وحقيقتها كثورة شعبية تعجز قدرات قوات الشرطة وحجمها عن التعامل معها أمنيا، ولم يرصدوا بعض تحركات بعض العناصر الأجنبية وخطتهم في اقتحام بعض السجون لتهريب بعض المساجين أثناء الأحداثن، واتخاذهم لقرارات تتسم بالرعونة وسوء التقدير, الأمر الذي كان له عواقب وخيمة على وزارة الداخلية ومنشآتها والجهات المعهود بها إلى الوزارة تأمينها، بأن أمروا بالتصدي للمتظاهرين بالقوة والعنف لردعهم وتفريقهم, رغم ضخامة أعدادهم وتفوقهم على أعداد قوات الشرطة وحشدوا لذلك غالبية قوات الشرطة, تاركين أماكن تخزين السلاح وغيرها من المرافق والمنشآت والممتلكات العامة والخاصة.
وأشارت إلى أن وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي أصدر أمرا بقطع خدمة اتصالات الهواتف المحمولة الخاصة بجميع الشركات المصرح لها اعتبارا من يوم 28 يناير 2011 , مما ساهم في انقطاع الاتصال بين القوات وقادتها لتعطل وعجز وسائل الاتصال الأخرى, وأدى إلى إنهاكها وهبوط الروح المعنوية لديها وانسحابها من مواقعها وحدوث فراغ أمني, أسفر عن إشاعة الفوضى وتدير الأمن العام وإلقاء الرعب بين الناس وجعل حياتهم في خطر, وألحق أضرارا جسيمة بالمرافق العامة والممتلكات الخاصة بما ترتب عليه حدوث أضرار بمركز البلاد الاقتصادي.
وذكرت تحقيقات النيابة أن المتهم حسني مبارك بصفته رئيسا للجمهورية, قبل وأخذ لنفسه ولنجليه علاء وجمال, العطية المبينة وصفا وقيمة بالتحقيقات, وهي عبارة عن 5 فيلات وملحقات لها بلغت قيمتها 39 مليونا و 759 الف جنيه بموجب عقود صورية تم تسجيلها بالشهر العقاري من المتهم الثاني حسين سالم مقابل استعمال نفوذه الحقيقي لدى سلطة عامة (محافظة جنوب سيناء) للحصول على قرارات لتخصيص قطع الأراضي المبينة الحدود والمعالم بالتحقيقات, والبالغ مساحتها ما يزيد على مليوني متر مربع بالمناطق الأكثر تميزا بمدينة شرم الشيخ, لصالح شركة نعمة للجولف والاستثمار السياحي المملوكة لسالم على النحو المبين بالتحقيقات.
وأضافت النيابة أن مبارك اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع موظف عمومي للحصول لغيره دون وجه حق على منفعة من عمل من أعمال وظيفته, بأن اتفق مع المتهم سامح فهمي وزير البترول آنذاك (والسابق إحالته للمحاكمة الجنائية عن هذه التهمة) على إسناد أمر بيع وتصدير الغاز الطبيعي المصري لدولة إسرائيل إلى شركة البحر الأبيض المتوسط للغاز التي يمثلها ويستحوذ على أغلبية أسهمها المتهم حسين سالم (السابق إحالته للمحاكمة الجنائية عن ذات الجريمة موضوع هذه التهمة) وساعده على ذلك بان حدد له الشركة في طلب قدمه إليه فوافق على التعاقد معها بالأمر المباشر, ودون اتباع الإجراءات القانونية الصحيحة, وبسعر متدني لا يتفق والأسعار العالمية السائدة, بقصد تربيح حسين سالم بغير حق بمنفعة تمثلت في إتمام التعاقد بالشروط التي تحقق مصالحه بالفارق بين السعر المتفق عليه والسعر السائد وقت التعاقد والبالغ قيمته 2 مليار و3 ملايين و319 ألف دولار أمريكي, مما رفع من قيمة أسهم شركته, فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات.
وأشارت النيابة إلى أن مبارك اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع موظف عمومي في الإضرار بمصالح وأموال الجهة التي يعمل بها بان اتفق مع سامح فهمي وزير البترول آنذاك على ارتكاب الجريمة موضوع التهمة السابقة وساعده على تنفيذها, مما أضر بأموال ومصالح قطاع البترول بمبلغ 714 مليونا و 89 ألف دولار أمريكي, تمثل قيمة الفرق بين سعر كميات الغاز الطبيعي المباعة فعلا بموجب التعاقد, وبين الأسعار العالمية السائدة في ذلك الوقت وقد وقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات.
وذكرت النيابة العامة أن حسين سالم قدم عطية لموظف عمومي (رئيس الجمهورية الأسبق حسني مبارك) لاستعمال نفوذه الحقيقي للحصول له من سلطة عامة على قرارات, بأن نقل ملكية الفيلات الخمس المبينة الحدود والمعالم بالتحقيقات والبالغ قيمتها 39 مليونا و759 الف جنيه بموجب عقود بيع صورية تم تسجيلها بالشهر العقاري إلى مبارك ونجليه علاء وجمال، نظير استعمال الرئيس السابق لنفوذه الرئاسي لدى محافظة جنوب سيناء للحصول منها على قرارات لتخصيص الأراضي المبينة الحدود والمعالم والمساحة بالتحقيقات، لشركة نعمة للجولف والاستثمار السياحي المملوكة له بالمناطق الأكثر تميزا بمدينة شرم الشيخ السياحية على النحو المبين بالتحقيقات.
وأكدت النيابة أن علاء وجمال مبارك قبلا وأخذا عطية لاستعمال موظف عمومي (والدهما) نفوذه الحقيقي للحصول من سلطة عامة على قرارات مع علمهما بسببها, بان قبل كل منهما من المتهم الثاني حسين سالم تملك فيلتين من الفيلات الأربع وملحقاتها المبينة الحدود والمعالم والمساحة بالتحقيقات والبالغ قيمتها 14 مليونا و 39 الف جنيه, مقابل استعمال والدهما الرئيس الأسبق لنفوذه لدى محافظة جنوب سيناء للحصول منها على قرارات بتخصيص قطع الأراضي المبينة الحدود والمعالم والمساحة بالتحقيقات لشركة نعمة للجولف والاستثمار السياحي المملوكة له بالمناطق الأكثر تميزا بمدينة شرم الشيخ السياحية مع علمهما بذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
اخبار الان
0 التعليقات:
إرسال تعليق