Slide # 1

عنوان الموضوع

نبذة عن الموضوع اقرء المزيد

Slide # 2

عنوان الموضوع

نبذة عن الموضوع اقرء المزيد

Slide # 3

عنوان الموضوع

نبذة عن الموضوع اقرء المزيد

Slide # 4

عنوان الموضوع

نبذة عن الموضوع اقرء المزيد

Slide # 5

عنوان الموضوع

نبذة عن الموضوع اقرء المزيد

الخميس، 17 أكتوبر 2013

بينما كانت الشمس تغرب عن عزبة الجمال التابعة لمركز الصف بمحافظة الجيزة، كانت رضا جمال عبدالتواب تجلس فى الحقل أمام بيتها الذى لا يختلف عن باقى بيوت العزبة، طابق واحد من الطوب الأحمر وسط الأرض الزراعية. تشاهد البيت لكن لا تستطيع الذهاب إليه، فعلى الرغم من أنه لا يبعد عنها سوى خطوات صغيرة، لكن الطريق تحول إلى بركة عميقة من الصرف الصحى امتدت حتى غمرت المنزل نفسه إثر تسرب المياه من ترعة الصف، ليل الثلاثاء، أول أيام العيد الذى لم يمر على سكان عزبة الجمال مرور الكرام، فقد أزاحت مياه الصرف القادمة من ترعة الصف كل شىء فى طريقها، وأتلفته. تقول رضا: دا العيد بتاعنا.


تسبب تسريب المياه من ترعة الصف فى غرق عشرات منازل عزبة الجمال، وتعرضت آلاف الأفدنة للغرق بمياه الصرف المعالجة، وسط محاولات مستمرة من قوات الجيش وشركة المقاولون العرب سحب المياه من المنازل بعد نجاحهم الأربعاء فى السيطرة على تسرب المياه الناتج عن انهيار جزئى لجسر ترعة الصف.


تتأمل رضا بيتها البسيط الغارق، الذى كان يحوى أساسيات المعيشة. الآن لم نعد نملك سوى الجلباب الذى نرتديه. تمسك عصا تقلب بها فى مياه الصرف التى تجرى تحت قدميها. وتضيف: مش خايفة من العدوى بسبب مياه الصرف، إحنا نمنا فى الشارع كلنا.. زوجى وأولادى. تكتم ضحكتها وهى تقول: هنعمل إيه أدى الله وأدى حكمته، لكن شيئا ما دفعها إلى الشكوى عندما التفتت ببصرها إلى البيت تحكى ما حدث: فجأة المياه نزعت علينا كل حاجة، كل اللى كنا بنفكر فيه العيال الصغيرة، غير كده كل حاجة راحت.


لا تملك الآن رضا وأسرتها الصغيرة سوى الجلوس أمام أرضها، لا تجد مأوى بعد الآن سوى المبيت فى قطعة الأرض التى أفلتت من غمر مياه الصرف أما الأطفال فتوزعوا على المنازل التى لم يصبها سيل الصرف الصحى.


على يمين رضا، جلست جارتها ليلى محمد إسماعيل، لا يختلف حالها عن حال رضا كثيرا، فعلى الناحية الأخرى من مجرى مياه الصرف تقع غرفتها البسيطة، لم تنقذ منها سوى طبق كبير من الألومنيوم، وضعت بداخله ملابس الأطفال وغطاء يقيهم من برودة النوم ليلا فى الأرض الزراعية، تحتضن طفلها وتشير بيدها اليسرى إلى كلبهم داخل حجرتهم الغارقة، وتقول: كل حاجتنا ماعادتش تنفع تانى، الحيوانات والطيور. اللى عنده معزة ماتت واللى عنده طيور راحت.


لم تكن تلك الحادثة الأولى التى يتعرض لها أهالى عزبة الجمال بسبب تسرب مياه الصرف الصحى المعالج من الترعة. المرة الأولى كانت قبل 5 أعوام، تتذكرها رضا جيدا أثناء حديثها مع ليلى: محدش ساعدنا لا الحكومة ولا المسؤولين. وقتها ساعدنا بعضنا ونقلنا عفشنا ومحدش قال لنا أى حاجة. اللى بيته مغرقش أوى ساعد جاره اللى بيته غرق.


هانى أحمد، أحد سكان العزبة الذين سلمت منازلهم من الغرق بسبب وقوع بيته على الطريق الرئيسى، فتح منزله للأطفال الذين غرقت منازل أهاليهم رغم ضيق حاله وعمله باليومية كـ عتال طوب. بدلا من الاحتفال بالعيد قرر هانى مساعدة الأهالى فى عمليات إجلاء المنازل وتنظيفها. على بعد خطوات من الأفدنة الغارقة فى مياه الصرف يقف أمام سيارة نقل تحوى ما حاول الأهالى إنقاذه من المنازل. رفع جلبابه إلى فوق الركبة لتفادى مياه الصرف. يتحرك حاملا مراتب من القطن يرفعها إلى رجل آخر يقف أعلى السيارة. يقول وهو يناول زميله: المياه دخلت علينا بالليل، والناس ملحقتش تخرج حاجتها من البيوت، يلتقط أنفاسه بعد أن يحمد الله على عدم وقوع خسائر فى الأرواح لكنه يتحسر على: مواشى وطيور كتير غرقت فى المياه، والناس نايمة فى الشارع من إمبارح.


فى الجهة الشرقية من العزبة كان متولى أمين صالح، عامل بمجمع التحرير، وهو رب أسرة من أربعة أولاد، يسير بين المساحات الزراعية الممتدة فى الطريق باتجاه منزل اللواء سعد الجمال عضو مجلس الشعب الأسبق عن دائرة الصف، وأحد أعيان العزبة، بعد أن أخبروه أن اللواء يحرر محاضر للأهالى لمحاولة تعويض التلفيات التى أصابتهم. لم يتمكن متولى من رؤية منزله قبل غرقه بمياه الصرف، بعد عودته من العمل وجده غارقا فى المياه، لا يستطيع متولى نسيان ما حدث، يذكر نفسه بما فقده داخل البيت، شهادة ميلاده، أثاث منزله، ملابس أولاده التى جلبها لهم بالتقسيط بسبب ضعف دخله. لا يجد حرجا من ضيق أوضاعه المادية، يقاطعه أحد أصدقائه الفلاحين وهو يقول:الراجل دخله على قده بيكفيه بالعافية، حتى البيت اللى سكن فيه الناس كانت مجمعة تمنه معونة عشان يبنيه، وهو أكتر المتضررين هنا لأن مرتبه لا يكفى العيش الحاف وعنده بنت على وش جواز، ينهى حديثه بينما يقترب من منزل اللواء سعد. لكنه يتفاجأ بأن عشرات الأهالى سبقوه وينتظرون تحرير المحاضر. أمام المنزل يقف متولى إبراهيم شحاتة، 26 عاما، عتال طوب، يقول:كل البشر اللى إنت شايفها دى شغالة على دراعها، السيل قطع علينا كل حاجة، كنت أجلس فى البيت مع زوجتى وابنتى الصغيرة، وفوجئت بالمياه بتشيلنا. فضلنا نجرى ومش عارفين نروح فين، حياتنا كلها اتدمرت، مواشينا وطيورنا، والزراعة بتاعة الناس كلها راحت. يعوض عليهم ربنا.


على بعد خطوات من الحشد المنتظر تحرير المحاضر، افترش حسن محمد سيف، عضو الجمعية الزراعية بالعزبة، حصيرة على الأرض الزراعية التى تقابل منزل اللواء سعد، منتظرا دوره فى تحرير المحاضر، يقول: غرقت آلاف الأفدنة المزروعة بالبطاطس والبرسيم بسبب ارتفاع منسوب المياه فى مجرى السيل، سبق أن تقدمنا لمحافظ الجيزة بمذكرة لترميم المجرى وبناء المناطق المنهاره منه وتطهيره ولم يرد علينا أحد، يضيف: هذه ليست المرة الأولى التى تتعرض فيها المنازل والأراضى الزراعية للغرق، حيث تعرضت نفس المنطقة للغرق منذ عامين ولم يتحرك أحد.


المشهد فى مكان التسريب كان عبارة عن خلية عمل، معدات شركة المقاولون العرب مع ضباط من سلاح المهندسين بالقوات المسلحة للسيطرة على تدفق المياه. وتقوم قوات الجيش منذ وصولها إلى القرية وحتى مثول الجريدة للطبع بشفط المياه من المنازل، عن طريق شفاطات كبيرة وإعادة ضخها فى ترعة أخرى لتمكين المواطنين من العودة إلى منازلهم مرة أخرى.


هذا المحتوى من «المصري اليوم».. اضغط هنا لقراءة الموضوع الأصلي والتعليق عليه.





0 التعليقات:

إرسال تعليق